التاريخ : 2020-11-08
بلفور (100+3)
د. عزت جرادات
* مرّت الذكرى إلى (103) للثاني من تشرين (نوفمبر)، بهدوء ... مرّت ذكرى وعد (إعلان) بلفور (2/11/1917) دونما أكثراثٍ بمأساة وطن (فلسطين)، ونكبة شعب (الشعب العربي الفلسطيني)... لقد غابت الذكرى عن الصفحات الأولى للصحف الرئيسية في الوطن العربي، ولم تعقد الندوات حولها... بينما عقد ندوات بموضوعات شتى بأستخدام التقنييات مثل (Zoom)، ولم تكن ذكرى (بلفور) من بين تلك الموضوعات.
*لقد كان هذا الغياب بمثابة رسالة بأن العالم لم يعد معنياًّ (بالنكبة) و(بالمأساة)، وبخاصة هذا الجزء العربي من العالم... على الرغم من أن فلاسفة ومؤرخي العصر المنصفين قد اعتبروا ذلك الأعلان (جريمة القرن العشرين):
قام بصياغتها (آرثر جيمس بلفور) وزير خارجية بريطانيا إلى اللورد اليهودي (ليونيل ولتر دي روتشيلد)، وبارك الصياغة الرئيس الأمريكي (ولسون) آنذلك، ومن ثم أعلنت كل من ايطاليا وفرنسا تأييدهما لها، فأصبح إعلان دول... عدواني الطابع على وطن آميين مسالم، وشعب متجذر في وطنه، وأصبح (مرجعية زائفة) لاستلاب وطن تاريخي: أرضاً وشعباً وثقافة، في منطق إستعماري-صهيوني، ونستذكر هنا ما ذكره المؤرخ اليهودي البريطاني الجنسية (آفي شلايم) عن ذلك الأعلان، حيث وصفه (بأنه غير شرعي... ولكن قانوني)
Illegal but Lawful
أي أنه غير شرعي بنصوصه ومضمونة، وأصبح قانونياً غير منظمة الأمم المتحدة... ومهما حملت هذه العبارة من تفسيرات، فأن النتيجة واحدة: أنه عدوان دولي على (وطن آمن) و (شعب مسالم).
*وبعد مضي مائة عام من النضال الفلسطيني- العربي، تحول ذلك الأعلان من (جريمة القرن العشرين) إلى أن أصبح (صفقة القرن الحادي والعشرين) بصياغة جديدة... تحمل عنوان (الأزدهار والأمل) لشعوب المنطقة، ولكنها رسخت كل مفاهيم العنصرية والغطرسة السياسية التي يمثلها (ترامب)، حيث تطمس (صفقة ترامب) الحقائق التاريخية، والمعالم الجغرافية لفلسطين الوطن التاريخي؛ وتغتال حق الشعب العربي الفلسطيني في الحياة الحرة المستقلة على أرضه التاريخية؛ وتمدّ المشروع الصهيوين بمشروعية العدوان والتوسع والاحتلال.
* ولئن مرت الذكرى (103) للأعلان الاستعماري بأمن وسلام في المجتمع الاسرائيلي الصهيوني، فقد مرّت بأكثر من الأمن والسلام في المجتمعات العربية، التي أصابها مَسٌ من فقدان حاسة الأتجاه، وضياع الذاكرة، وضيق الإحلام.